دعاء الاستفتاح في الصلاة وحكمه ومتى يقال من السنة النبوية من خلال موقع روح الخليج، دعاء الاستفتاح ، من سنن الصلاة التي وردت عن النبي ﷺ في مواضع عدّة، ونستعرض في هذا الموضوع دعاء الاستفتاح بالتفصيل في السطور التالية وأوقاته، ومشروعيته.
دعاء الاستفتاح
الدعاء هو أحد العبادات التي تقوم على سؤال العبد ربّه؛ حيث يطلب العبد منه سبحانه ما يمتلكه من خير،
وهي من أفضل العبادات التي يحبّها الله، ويجب أن تكون خالصةً له دون أن يصرفها العبد إلى غيره
ومن الأدعية التي يرددها المسلم كثيراً هو دعاء الاستفتاح، ويتساءل العديد من الأشخاص حول صيغة دعاء الاستفتاح، ومحلّ قوله، وهذا ما سنذكره في هذا المقال.
متى يقال دعاء الاستفتاح
إنّ السنّة في (دعاء الاستفتاح) هو أن يُقال بعد تكبيرة الإحرام وليس قبلها.
وهذا رأي جمهور أهل العلم القائلين باستحباب دعاء الاستفتاح.
وذلك لما ما رواه مسلم وأبو داوود من حديث عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ كَبَّرَ ثُمَّ قَالَ:
وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا… إلخ.
وعند مسلم أيضًا من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيَّةً
قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ؟
قَالَ أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ… إلخ.
فهذا يدل على أن دعاء الاستفتاح يكون بعد التكبير لا قبله، وهذا قول جمهور أهل العلم القائلين باستحباب دعاء الاستفتاح
خلافًا لبعضهم ممن قال يكون قبل تكبيرة الإحرام، وهو مذهب المالكية.
حكم دعاء الاستفتاح في أول الصلاة
الاستفتاح سنة مستحبة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا صلى المسلم ولم يستفتح، فصلاته صحيحة عند جميع العلماء. والاستفتاح هو أن يقول بعد التكبيرة الأولى تكبيرة الإحرام:
(سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك)
وإن استفتح بغير هذا مما صح عن النبي ﷺ فهو حسن، مثل:
(اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق المغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد).
صيغ دعاء الاستفتاح
- ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في (دعاء الاستفتاح) ألفاظ متعددة ، ومن تلك الألفاظ ما رواه البخاري
ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْكُتُ
بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ القِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً – قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ : هُنَيَّةً – فَقُلْتُ : بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ
إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ : “أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا ، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ ، وَالثَّلْجِ ، وَالبَرَدِ” . - وروى أبوداود، والترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ
قَالَ: “سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ ، وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ”. - وروى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه قال: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا ، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
“مِنَ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا ؟” قَالَ رَجُلٌ مَنِ الْقَوْمِ : أَنَا ، يَا رَسُولَ اللهِ . قَالَ : “عَجِبْتُ لَهَا ، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ”
. قَالَ ابْنُ عُمَرَ : فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ “.
أدعية الاستفتاح
- ووروى مسلم ، والنسائي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أنه كان إذا قام إلى الصلاة ، قال: “وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا
وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ،إِنَّ صَلَاتِي ، وَنُسُكِي ، وَمَحْيَايَ ، وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ
اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي ، وَأَنَا عَبْدُكَ ، ظَلَمْتُ نَفْسِي ، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي
فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا ، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَوَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ
أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ” . - كما روى مسلم، والنسائي عن أنس رضي الله عنه :
” أَنَّ رَجُلًا جَاءَ ، فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ
فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ
قَالَ : “أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ ؟” ، فَأَرَمَّ الْقَوْمُ – يعني : سكتوا –
فَقَالَ : “أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا” ، فَقَالَ رَجُلٌ : جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلْتُهَا
فَقَالَ : “لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا ، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا”.
صيغ دعاء الاستفتاح عند صلاة قيام الليل
- عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها سُئلت بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته
إذا قام من الليل، فقالت : كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ : “اللهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ ، وَمِيكَائِيلَ ، وَإِسْرَافِيلَ
فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ ، فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ”. - عن عاصم بن حُمَيْد ، قال : سألت عائشة رضي الله عنها : بما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يستفتح قيام الليل. قالت: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ عَشْرًا ، وَيَحْمَدُ عَشْرًا ، وَيُسَبِّحُ عَشْرًا ، وَيُهَلِّلُ عَشْرًا
وَيَسْتَغْفِرُ عَشْرًا ، وَيَقُولُ: “اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاهْدِنِي ، وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”. - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تهجد من الليل ، قال:
“اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ
وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، أَنْتَ الحَقُّ ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ
وَقَوْلُكَ الحَقُّ وَلِقَاؤُكَ الحَقُّ ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ
اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ ، وَبِكَ خَاصَمْتُ ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ
فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ ، أَنْتَ إِلَهِي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ”.
دعاء الاستفتاح سبحانك اللهم وبحمدك
إذا كان المسلم يصلّي فروضاً: فإنّه يستفتح في أول ركعة من كلّ صلاة يؤديها
فإذا كان يصلّي أربع ركعات بتسليمة واحدة: فإنّه يستفتح مرّة واحدة بعد تكبيرة الإحرام
وإن كان يصلّي أربع ركعات بتسليمتين: فإنّه يستفتح في الصلاة الأولى بعد تكبيرة الإحرام
وفي الصلاة الثانية بعد تكبيرة الإحرام.
إذا كان المسلم يصلّي نافلة: فإنّه يستفتح في الركعة الأولى فقط.
دعاء الاستفتاح عند التأخر عن الصلاة
إذا أدرك الشخص الإمام في الركعة الأولى أو الركعة الثانية، عليه بقراءة دعاء الاستفتاح إذا لم يكن يخشى أن يركع الإمام
أما إذا خشيَ ذلك فعليه الاقتصار على قراءة سورة الفاتحة دون الاستفتاح.
دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة
دعاء الاستفتاح سنة مؤكدة للصلوات التي فيها ركوع وسجود
ولكن صلاة الجنازة لا ركوع فيها ولا سجود
ولهذا اختلف العلماء في مشروعية الاستفتاح وفي الأمر قولان وهما:
أنه لا يسن دعاء الاستفتاح وذلك قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، واستدلوا على ذلك بأمرين
الأول: أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يستفتح في صلاة الجنازة، ولأنَّ صلاة الجنازة شرع فبها التخفيف
والأنسب ترك الاستفتاح، وهو القول الأقرب.
أما الرأي الثاني، وهو قول الحنفية: أنه يسن دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة، واستدلوا على ذلك بأنها صلاة ويستفتح
لها كما يستفتح لسائر الصلوات.